السبت، 29 مارس 2008

تعرف على الحبيب المصطفى

وجوب الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم:

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56) } الأحزاب.

صلى عليك الله يا علم الهدى
ما حنّ مشتاق الى لقياكا
وعليك ملء الأرض من صلواتنا
وقلوبنا ذابت على ذكراك

الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم جلاء الأبصار، ونور البصائر، وبهجة القلوب، وراحة الأرواح، وقرة العيون، ومسك المجالس، وطيب الحياة، وزكاة العمر، وجمال الأيام، وذهاب الهموم، وطرد الأحزان، وهي الجالبة للسرور وانشراح الصدور وتكامل الحبور وتعاظم النور.

بها يطيب السمر ويحلو الحديث ويحلّ الأنس وتحصل البركة وتنزل السكينة، وهي علامة الحب وشاهد المتابعة وبرهان الموالاة ودليل الصلاح وطريق الفلاح، يقول صلى الله عليه وسلم:" من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشر صلوات، ورفعه عشر درجات، وكتبت له عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات" أخرجه النسائي في الكبرى 9890 وفي عمل اليوم والليلة 63 عن أنس بن مالك. وقال:" أكثروا عليّ من الصلاة ليلة الجمعة ويوم الجمعة" أخرجه ابن عدي في الكامل 3\102 والبيهقي في الكبرى 5790 وفي الشعب 3030 عن أنس بن مالك وانظر كشف الخفاء 1\190. وقال:" رغم أنف من ذكرت عنده ولم يصلّ عليّ" أخرجه أحمد 7402 والترمذي 3545 والحاكم 2016. وروي مرفوعا:" البخيل من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ" أخرجه أحمد 1738 والترمذي 3546 عن علي رضي الله عنه وانظر كشف الخفاء 1\332. وورد:" إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغونني من أمتي السلام" أخرجه أحمد [3657، 4198] والنسائي 1282 والدارمي 2774 والحاكم 3576 عن عبدالله بن مسعود. ولما قال أبيّ بن كعب: سوف أجعل لك صلاتي كلها، أي دعائي، قال:" إذن يغفر ذنبك، وتكفي همّك" أخرجه الترمذي 2457.

فيصلى عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول والثاني، وعند ذكره، وفي خطبة الجمعة، والعيد، والاستسقاء، وفي خطبة النكاح، وفي مجلس العلم والمواعظ، والكتب والرسائل، والمعاهدات، والصكوك، وعند لقاء الأحباب، وعند الوداع، وفي الدعاء وأذكار الصباح والمساء، وعند نزول الهموم وترادف الغموم وفقد الأغراض وتزاحم الكرب وحدوث المصاب ووصول المبشرات، وعند تأليف الكتب وشرح حديثه وكتابة سيرته وذكر أخباره وقصصه.. إلى غير ذلك من المناسبات، فصلّى الله عليه وسلم ما زهر فاح، وبلبل صاح، وسر باح، وحمام ناح، وصلى الله عليه وسلم ما نسيم تدّفق وما دمع ترقرق، وما وجه أشرق، وصلى الله عليه وسلم ما اختلف الليل والنهار، وهطلت الأمطار، ودنت الثمار واهتزت الأشجار، وصلى الله عليه وسلم ما بدت النجوم، وتلبدّت الغيوم وانقشعت الهموم، وتليت الأخبار والعلوم، وعلى آله الطيبين الأبرار، وأصحابه الأخيار من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم واقتفى الك الآثار.

صلى عليه إلهه وخليله
ما دامت الغبراء والخضراء
فهو الذي فاق الأنام كرامة
واستبشرت بقدومه الأنباء
وجوب التأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) } الحجرات.

قحطان عدنان شادوا منك عزّتهم
بك التشرّف للتأريخ لا بهم
أكاد أقتلع الآهات من حرقي
إذا ذكرتك أو أرتاع من ندمي

الأدب معه صلى الله عليه وسلم شريعة يثاب فاعلها ويعاقب تاركها، فالأدب مع شخصه الكريم بإجلاله وإعزازه وتوقيره وتقديره واحترامه وانزاله المنزلة التي أنزله الله إياها: لا غلوّ ولا جفاء، وعدم الاعتراض عليه صلى الله عليه وسلم أو مناقضة أقواله بأقوال غيره من الناس، أو تقديم قول كائن من البشر مهما كان على قوله، أو أخذ حديثه على أنه كلام يصيب ويخطئ، بل هو كلام نبيّ معصوم، أو التعرّض لصفة من صفاته بجفاء، أو رد قوله بعد التأكد من صحة نسبته اليه، أو الشك في بعض قضاياه وأحكامه، أو مقارنته بالقادة والزعماء والملوك، فقد رفع الله قدره على الجميع وأعلى منزلته على الكل.

بل يحرم كل ما فهم منه الجفاء والتنقص والاعتراض عليه صلى الله عليه وسلم، والواجب على كل من رضي به رسولا واتبعه وآمن به حبه حبا صادقا أعظم من حب النفس والولد والوالد والناس أجمعين، وتصديق ما أخبر به، وامتثال ما أمر به والانتهاء عما نهى عنه، والاهتداء بهداه والاقتداء بسنته والرضى بحكمه والحرص على متابعته، وتوقير حديثه والصلاة والسلام عليه إذا ذكر صلى الله عليه وسلم، وعدم رفع الصوت عند ذكره وذكر حديثه، وعدم الضحك وقت تلاوة أخباره وكلامه وآثاره، والخشوع عند ذكر شيء من سنته، والتأدب عند الاستشهاد بقوله، والتسليم عند أمره ونهيه، والإيمان بمعجزاته والذب عن جنابه الشريف وأهل بيته وأصحابه { فالذين ءامنوا به وعزّروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون}.

يا من تضوّع طيب القاع منزله
فطاب من طيب ذاك القاع والأكم
نفسي الفداء لمجدٍ أنت حامله
فيه العفاف وفيه الجود والكرم

فعلى المسلم أن يفعل فعل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في التأدب معه، فمنهم من كان لا يتكلم عنده إلا بصوت خافض خاشع، وكان إذا تحدث كان على رؤوسهم الطير، ومنهم من جلس في الطريق خارج المسجد لما سمعه يقول من داخل المسجد:" يا أيها الناس اجلسوا" أخرجه أبو داود 1091 والحاكم 1056 عن جابر رضي الله عنه. ومنهم من لا يكلم ابنه حتى مات لأنه عارض حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.. إلى آخر تلك الأفعال الجميلة والخصال الحميدة من تأدبهم معه صلى الله عليه وسلم.




الرسول صلى الله عليه وسلم مبشّرا:

{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً (47) } الأحزاب.

" بشّروا ولا تنفروا، ويسّروا ولا تعسّروا".

بشرى لنا الاسلام إن لنا
من العناية ركنا غير منهزم
لما دعا الله داعينا لطاعته
بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم

من أعظم صفاته صلى الله عليه وسلم أنه مبشر:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45)} الأحزاب، فهو صلى الله عليه وسلم الذي أتى بالبشارة الكبرى، وهي الإيمان بالله والبشارة بعفوه وغفرانه ورضوانه ورحمته، والبشارة بجنة عرضها السموات والأرض، وقد بشّر صلى الله عليه وسلم بتوبة الله على من تاب وعفوه عمن أناب، فجلّ الذين بشارة، فقد بشّر عليه الصلاة والسلام بان الوضوء يحطّ الخطايا وأن الصلاة ورمضان والحج والعمرة كفارات لما بينها من الذنوب إلا الكبائر، وبشّر من فقد عينيه بالجنة، وبشر من فقد ابنه بقصر في الجنة، وبشّر من أصابه مرض بأنه يمحو الخطايا، وأن من أراد الله به خيرا ابتلاه، وبشّر من انتظر الصلاة أن الملائكة تصلي عليه وتدعو له ما لم يحدث، وبشّر من سبح تسبيحة واحدة بغرس نخلة له في الجنة، وأن من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة حطّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، وأن من أذنب ذنبا ثم توضأ وصلى ركعتين واستغفر الله غفر الله له، وبشّر أن من أصابه مرض أو وصب أو نصب أو هم أو غمّ أو حزن حتى الشوكة يشاكها جعلها الله كفارة له من الذنوب.

وجاء بكتاب عظيم وذكر حكيم يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات بان لهم أجرا حسنا ونهاهم عن اليأس:{ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)} يوسف.

وعن القنوط:{ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون}.

ونهاهم عن الحزن:{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا } آل عمران 139.

وفتح باب الغفران للتائبين من المسرفين:{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) } الزمر.

ولما أرسل رسله الى البلدان ودعاة الى الله قال لهم:" بشّروا ولا تنفّروا، ويسّروا ولا تعسّروا"، وحذّر من التشديد والتنفير فقال:" يا أيها الناس! إن منكم منفّرين، من صلى بالناس فليخفف، فإن فيهم الكبير والصغير والمريض وذا الحاجة" أخرجه البخاري [ 90، 702] ومسلم 466 .

وذمّ المتكلفين في الدين، وبشّر عائشة ببراءة الله لها، وبشر كعب بن مالك بتوبة الله عليه، وبشر جابرا بأن الله كلم أباه، وبشر المسلمين بدخول زيد وجعفر وابن أبي رواحة الجنة، وبشر بلال بأنه سمع دفي نعليه في الجنة، وبشّر أبيّ بن كعب بأن الله ذكره في الملأ الأعلى، وبشّر العشرة بالجنة، وبشّر أهل بدر بأن الله قال لهم:" اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" أخرجه البخاري [ 3007، 3983] ومسلم 2494 عن علي رضي الله عنه. وبشّر أهل البيعة تحت الشجرة برضوان الله، وبشّر الذي لازم {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} الإخلاص، بأن الله يحبه، وبشّر رجلا صلى معه وقد أصاب حدّا بأن الله غفر له.

وبالجملة فمن أعظم خصاله الحميدة صلى الله عليه وسلم إدخال البشرى على الناس وإسعادهم.

بشرى من الغيب ألقت في فم الغار
وحياً وأفضت الى الدنيا بأسرار

ليست هناك تعليقات: